ما أسباب الإصرار الروسي على الحسم العسكري في إدلب؟

ما أسباب الإصرار الروسي على الحسم العسكري في إدلب؟

ما أسباب الإصرار الروسي على الحسم العسكري في إدلب؟

تُصرّ قوات الاحتلال الروسي وميليشيا أسد الطائفية على الحسم العسكري في إدلب، وذلك من خلال التصعيد العسكري غير المسبوق على ريفيّ ادلب وحلب والبدء بالعمل العسكري على عدة محاور، وهذا ما أكدته بعض الشخصيات والوكالات الرسمية التابعة لروسيا ونظام أسد بأن معركة "الحسم" قد بدأت، رغم كل الضغوط الدولية والاتفاقيات المبرمة مع الجانب التركي.

ففي سابقة هي الأولى من نوعها، شنّت قوات الاحتلال الروسي وميليشيا أسد معركة بنفس الوقت على 6 محاور عسكرية موزّعة على جبهات حماة وادلب وحلب، حققت في بعضها مزيداً من التقدم وسيطرت من خلالها على بلدات "الدير الشرقي وتلمنس ومعرشمارين ومعرشمشة"، ووصلت بذلك لمشارف مدينة معرة النعمان الاستراتيجية، وسبق تلك المعركة تصريحات الجانب التركي لقادة فصائل المعارضة حول قرب المعركة الكبرى ضدهم في إدلب وأن عليهم التجهيز والتصدي لها.

تطبيق "أستانا وسوتشي" بالقوة

وعن أسباب الإصرار الروسي وميليشيا أسد على الحسم العسكري بإدلب، يقول الخبير العسكري العميد أحمد رحال لأورينت نت، "روسيا دائماً تُعيد وتكرر خلال تصريحاتها أنها تطبّق بنود اتفاقات أستانا وسوتشي، وأن هناك بنودا كان مُتفق عليها مع الجانب التركي والآن جاء دور تطبيقها ولو بالقوة".

وعن هذه البنود، يقول العميد رحال "روسيا أكدت خلال تصريحاتها وما تسعى إلى تطبيقه حالياً هو وجود ثلاثة بنود اتفقت عليها مع تركيا ومع المعارضة السورية خلال اجتماعات أستانا وكذلك اتفاق سوتشي، وهذه البنود هي "سيادة الجمهورية العربية على أراضيها" وهذا يعني أن بشار الأسد ونظامه هو الذي يجب أن يسود ادلب وباقي سوريا كونه المعترف به في الأمم المتحدة، وأما البند الثاني هو "محاربة الارهاب في ادلب" وهذا ضوء أخضر للروس وميليشيا أسد بكل معارك ادلب بحجة مكافحة الارهاب المتمثّل لديهم بهيئة تحرير الشام، والبند الثالث والأهم هو "الموافقة على إعادة الطرق الدولية للإشراف الروسي" وبما أن ذلك لم يحصل بعد، أصرّت روسيا على تطبيقه بالقوة".

وهذا ما أكّده كذلك، الباحث السياسي الدكتور وليد تامر لأورينت نت بقوله، "هناك هجوم همجي لم يعرف التاريخ له مثيل من قبل قوات الاحتلال الروسي وميليشيا أسد والميليشيات الايرانية على ادلب، وهذا جاء على خلفية اتفاقات أستانا وسوتشي، ولكن الآن هناك عدم اتفاق ورضا بين الجانبين التركي والروسي عمّا يحصل في ادلب، لذلك دفعت روسيا باتجاه الحل العسكري لتطبيق تلك الاتفاقيات والسيطرة على الطرق الدولية وكامل تلك المنطقة، مما سيجعل موجات التهجير والنزوح تفوق كل الإمكانيات".

مكاسب سياسية واقتصادية

وأضاف العميد رحال لأورينت نت، "روسيا ترى أن كل ما حققته على الأرض السورية منذ عام 2015 لم يُصرف لها حتى اللحظة أي مزايا سياسية أو اقتصادية، فالقصف والتصعيد العسكري لم يكن لأجل التدمير فقط وإنما روسيا تريد تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من ورائه، ولهذا الروس شعروا أنهم لم يُحققوا شيئاً حتى اللحظة".

وتابع رحال "إعادة إعمار سوريا ضمن الظروف الحالية قوبل بالرفض الدولي، وكذلك إعادة إنتاج حل سياسي يُرضي موسكو ونظام أسد وطهران ضمن شروطهم تم رفضه كذلك، ولذلك عملت روسيا على إعادة التصعيد العسكري لإجبار المجتمع الغربي على الرضوخ لمكاسب روسيا السياسية والاقتصادية في سوريا وإلا الحرب هي الحل".

وبنفس السياق، يقول الدكتور تامر لأورينت نت، "مَن يُراقب الوضع في سوريا عامة وبإدلب خاصة يرى شدّة التعقيد فيه، ولكن المتوقّع هو معارك كسر عظم قبل الوصول لتحقيق كل طرف بعضاً من المكاسب السياسية والاقتصادية والوصول لحل سياسي بنهاية ذلك التصعيد العسكري، ولهذا استعجلت روسيا وميليشيا أسد على التصعيد العسكري في ادلب قبل الجلوس على طاولة الحل النهائي ".

وأكد على ذلك، الخبير العسكري العميد أسعد الزعبي خلال حديثه لأورينت نت قائلاً، "روسيا تريد أن تعمل عملية فك حصار اقتصادي عن ميليشيا أسد، وذلك بالوصول للمعابر الدولية في الشمال، وبالتالي تفرض سيطرتها على معابر شمال وجنوب سوريا، وتضمن بذلك سوريا الغربية وبهذا الوقت يُمكن أن تذهب روسيا للتفاوض والحل السياسي".

مواقف دولية مترنّحة

فيما ذهب عضو الهيئة السياسية، المحامي محمد سلامة إلى أن ضعف بعض المواقف الدولية والتركية هي سبب الإصرار الروسي على الحسم العسكري بإدلب، وأضاف سلامة لأورينت نت قائلاً "ضعف الموقف الدولي بالضغط على روسيا والتزامها بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب التركي، وكذلك ضعف موقف الضامن التركي حول هذه الاتفاقيات، كل هذا جعل روسيا تُصرّ على الحسم العسكري في ادلب بعيداً عن الاتفاقيات التي وقعتها، وهذا ما أكدته بعض وسائل الإعلام الروسية".

بينما اعتبر الناشط السياسي أحمد شبيب أن دخول الطرف الأمريكي على الواجهة فيما يخصّ ادلب وطرح بعض الضغوطات والتهديدات، جعل ذلك روسيا تُسرع بعملية الحسم العسكري في ادلب، مُوضحاً ذلك بقوله لأورينت نت "لدى قانون قيصر الأمريكي عدة شهور قبل التطبيق على نظام أسد ومن يقف بجانبه من روس وإيرانيين، ويُضاف إلى ذلك بعض الإجراءات داخل حكومة ترامب الأمريكية والتي تحتاج لمدة زمنية كي يليها تطبيق بعض التهديدات التي ضغطت بها فيما يخصّ ادلب وعدم التدخل العسكري فيها، ووصل بها الأمر لعرض الدعم اللوجيستي لفصائل المعارضة بحال وافقت تركيا على ذلك".

وهذا ما أشار إليه العميد أسعد الزعبي بقوله، "هناك إصرار روسي لحسم المعركة في ادلب بأسرع وقت ممكن، وذلك قبل البدء بتطبيق عقوبات قانون "قيصر" على الشركات الروسية في سوريا، وخاصة أن روسيا خسرت كثيراً بحربها في سوريا وتحتاج للتعويض الاقتصادي".

السيطرة على سوريا كاملة

كما نوّه العميد الزعبي إلى أن "روسيا وعدت نظام أسد بتسليمه كامل سوريا وإعادة سيطرته عليها بالقوة، وهذا ما دفعها للإسراع بالحسم العسكري في ادلب، تمهيداً لمناطق تلي هذه المحافظة، خاصة أن أشرس المعارضين والمدنيين هم من يتواجدون حالياً بإدلب كونهم من كافة أصقاع سوريا وجميعهم رفضوا كل أشكال المصالحة والخضوع لحكم الأسد".

وأما القيادي في الجيش الوطني، النقيب عبد السلام عبد الرزاق رأى أن التدخل الروسي منذ بدايته كان يهدف للسيطرة على كامل تراب سوريا والقضاء على ثورة الشعب السوري، وأضاف عبد الرزاق لأورينت نت قائلاً "دخلت روسيا إلى سوريا كقوة احتلال وخدمةً لمصالحها التي يضمنها بشار الأسد، عدا عن سعيها لإعادة نفوذها في المنطقة وتجريب كافة أسلحتها الجديدة على السوريين، ولهذا معركتها مستمرة بإدلب حالياً وبغيرها لاحقاً".

ووفق النقيب عبد الرزاق فإن "روسيا لم تُشارك بسوريا إلا لتطبيق الحل العسكري الذي تفهمه وتُجيده جيداً، وما أستانا وسوتشي إلا لعب على القرارات الدولية، والهدن كذلك هي تكتيك عسكري بحت وليس رغبةً بالحل السياسي، وهدفها الاستراتيجي في سوريا هو احتلال كامل التراب السوري، وليس فتح طريق دولي هنا أو تسيير دورية عسكرية هناك، ولهذا الحسم اليوم في ادلب وربما يكون في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بعد حين، ولذلك وجب التنبيه للمطامع الروسية والحل الذي تُفكّر فيه، والهدف من إصرارها على الحسم العسكري".






المصدر/اورينت نت
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-