استثمار الجيش التركي في الطائرات المسيرة يؤتي ثماره في سوريا

استثمار الجيش التركي في الطائرات المسيرة يؤتي ثماره في سوريا

استثمار الجيش التركي في الطائرات المسيرة يؤتي ثماره في سوريا

انتهت التوترات في شمال غرب سوريا بتوقيع تركيا وروسيا اتفاقية بشأن إدلب وكانت النتيجة ارتياح الجميع. وشهد العالم بأسره تحييد أكثر من 3000 عنصر من قوات نظام الأسد خلال عملية درع الربيع التركية، والأضرار الهائلة التي لحقت بقواته. علاوة على ذلك، تصدر الإنجاز الكامل والناجح للعملية العسكرية في وقت قصير للغاية، العناوين الرئيسية في جميع أنحاء العالم إذ قامت تركيا بما لم يكن حتى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، يملك الشجاعة للقيام به.

كذلك أعلنت الإدارة الأمريكية أن اتفاق إدلب لوقف إطلاق النار الذي توصلت إليه تركيا وروسيا يبشر بتخفيف الأزمة الإنسانية وتجنب الوضع الخطير في المنطقة. كما تم التأكيد على أن الطريقة الوحيدة لإنهاء النزاع في سوريا هي ضمان وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والتوصل إلى حل سياسي في نطاق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.

وقد أظهرت تركيا من خلال "حقها في الدفاع عن النفس" وفقاً للمادة 51 من اتفاقية الأمم المتحدة، أنها قامت بعملية عسكرية ناجحة في إطار اتفاقيات أضنة وأستانا وسوتشي، لضمان وقف إطلاق النار، ومنع الهجرة الجماعية، وتخفيف حدة المحنة الإنسانية، وحماية الأمن القومي لتركيا، بالإضافة إلى تحقيق السلام والهدوء والاستقرار في المنطقة في أقرب وقت ممكن.

لكن السؤال هنا، ما هو أهم إنجاز جذب الانتباه في هذه العملية؟

في البداية، علينا التذكير أن جنودنا الـ 34 الذين استشهدوا، لم يموتوا سدى وأن قتل المدنيين قد انتهى. في الوقت نفسه، لقنت صناعتنا الدفاعية الوطنية نظام الأسد وروسيا درساً لا ينسى.

جاء نجاح الطائرات المسيّرة "UAV" والطائرات المسيّرة المسلحة "AUAV" المنتجة محلياً، في إدلب في المقدمة ليس فقط في الصحافة الأمريكية ولكن في جميع أنحاء العالم أيضاً. فيما قالت مجلة "فوربس": "قدمت تركيا منطق الحرب الجديد لهذا القرن وتخطت الاستراتيجيات المعتادة للحرب، ما عكس منظوراً جديداً لمفهوم الحرب في القرن الحادي والعشرين"، سلط موقع بلومبرغ الضوء على "المواهب التكنولوجية لأنقرة"، وقالت صحيفة لوبينيون الفرنسية: "لقد تفوقت تركيا على فرنسا في صناعة الطائرات بدون طيار". حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية قدمت تغطية واسعة لنجاح الطائرات التركية بدون طيار.

كفل التشغيل المنسق للطائرات المسيرة العادية منها والمسلحة في مجالي الاستخبارات والعمليات، إبادة ناجحة وفعالة لأهداف نظام الأسد، وتحولت هذه الطائرات إلى كابوس لعناصر العدو، وأظهرت قوة ردع تركيا في المنطقة.

إن المنتجات الدفاعية الوطنية والمحلية التي بات يمتلكها الجيش التركي، التي يتم إنتاجها وفقاً لمعايير الناتو للجيوش الحديثة، تجعلنا فخورين. فبالإضافة إلى حوالي 100 طائرة مسيرة مسلحة تركية، بما في ذلك طرازات "أنكا" و"بيرقدار"، تعتبر الطائرات المسيرة غير المسلحة التركية، أصغر وأقل تعقيداً وأقل تكلفة من طرازات "Reaper" أمريكية الصنع التي تستخدمها فرنسا.

وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي صادرات قطاع الدفاع وصناعة الطيران التركي، ارتفع بنسبة 34.6% خلال عام 2019 عن العام السابق، حيث بلغ 2.74 مليار دولار. وبفرض أن الإنفاق الدفاعي السنوي للعالم يبلغ حوالي 1.8 تريليون دولار، فإن صناعة الدفاع التركية تحتل المرتبة الثالثة عشرة. في حين أن هناك أربع شركات تركية من بين 100 شركة دفاع مدرجة في موقع "أخبار الدفاع" الإلكتروني العالمي، ومن المعروف أن هدف التصدير التركي لعام 2023 في قطاع الدفاع والطيران هو 10.2 مليار دولار.

تشكلت شركة أسيسلان ASELSAN، أول شركة تركية لصناعة الدفاع، بهدف مقاومة حظر الأسلحة المفروض على تركيا الذي طبق عام 1975 نتيجة لعملية السلام في قبرص. وبالنظر إلى انطلاق عملية تأسيس أسيسلان والتقنيات التي أنتجتها بنجاح، يمكننا أن نرى قصة البطولة التركية والرسالة الواضحة التي وجهتها تركيا للعالم والتي تفيد بأن ربما استطاع أحدهم إبطاء الأمة التركية، لكنه محال أن يوقفها.

ولا يمكن لتركيا أن تتحرر من اعتمادها على الدول الأخرى ولا أن تعزز موقعها داخل الناتو، إلا من خلال أهدافها الخاصة بالإنتاج المحلي والوطني. وبما أن بعض الدول الحليفة فشلت في تقديم دعم صادق ضد التهديدات الأمنية التي تواجهها تركيا في الداخل والخارج، فإن هذه الدول لم تدرك أنها ساعدت من حيث لا تدري في تقوية صناعات الدفاع التركية.

تهدف شركات الدفاع التركية مثل أسيسلان وهافلسان HAVELSAN وتاي TAI وبيرقدار ورزكستان وغيرها ممن الشركات التي لا تفتأ تتطور وتنمو، إلى التخلص التام من التبعية الأجنبية في مجال الصناعة الدفاعية بحلول عام 2023. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن لتركيا أن تكون قوة ردع إقليمية دون امتلاكها القوة العسكرية.

فالوعي الوطني هو حصيلة الصعوبات التي يواجهها المجتمع والأزمات التي يتغلب عليها. إن تكوّن الأمة واستمرار بقائها كأمة هو إنجاز مقدس. وهذا لا يتحقق إلا من خلال التفاف وتعاضد أفرادها مع بعضهم في أوقات الشدة والأزمات.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-